منى المنجومي – صحيفة الحياة – 22 أغسطس 2007م

ثمة تجارب يمر بها الإنسان فتحدد أو تغير مسار حياته لتضعه على أول الطريق لاكتشاف مهاراته وتوظيف الفرص والأدوات المتاحة له، وهذا ما حصل مع الإعلامية رانيا سلامة، والتي وجدت في «الانترنت» فرصة عملها من خلال تأسيسها لموقع «مجلة عربيات الالكتروني». وقالت سلامة في حوار مع «الحياة»: «تعرفت على جهاز الكومبيوتر وأبحرت في عالم الإنترنت للمرة الأولى بعد تخرجي في الجامعة عام 1997، عن طريق شبكة محلية اشتركت فيها من باب الفضول والاستكشاف».

وتضيف: «اكتفيت في البداية بالاستفادة مما كان متوافراً آنذاك من خدمات في المواقع العربية كالمحادثة والمنتديات، حتى خرجت من نطاق الشبكة المحلية واطلعت على الشبكة العالمية لأدرك حجم الفجوة التي تفصل بين العالمين، فتمنيت تجسيرها في البداية بطرح مقترحات على بعض شركات الإنترنت المحلية للاستثمار في الإعلام الإلكتروني، وتأسيس مجلة ذات شخصية مستقلة تقدم محتوى خاصاً، ولا تعتمد على النسخ من المطبوعات أو استنساخ تجارب التفاعلية العشوائية من دون توظيفها بشكل سليم».

لكن ظلت فكرة رانيا سلامة حبيسة، خصوصاً ان الكثيرين ممن أطلعتهم على الفكرة لم يتشجعوا لها، وقالت: «لم يستجب أحد لفكرتي تلك، لاعتقاد الجميع آنذاك بأن هذا المشروع مكلف ولا يلوح في آفاقه نجاح، وفقاً لتوجهات متصفحي الإنترنت ونظرة المجتمع لها».وهذا ما دفع سلامة لتنفيذ مشروعها بشكل شخصي، وقالت: «إن كنا لا ننال المطالب بالتمني فأعتقد أنني بفضل الله نلتها بالتحدي، فاتخذت قراري بالتكفل بهذا المشروع في مطلع عام 2000».

وتضيف: «تم افتتاح شبكة عربيات وإصدار أول مجلة إلكترونية عربية تقدم محتوى خاصاً ورؤية جديدة لربط جمهور الإنترنت من الشباب بالشخصيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي كنا نستضيفها، وبالقضايا التي كنا نتناولها فكانت الخطوة الأولى نحو توظيف التفاعلية والتقنيات الحديثة في قالب صحافي محترف».

وقالت: «خدمتني دراستي، فأنا خريجة قسم الأدب الإنكليزي في جامعة الملك عبدالعزيز، وقد خدمني تخصصي في الجانب الصحافي أو في ما يتعلق بالصياغة والنقد والتحليل، وبالتالي في تقويم المادة وفقاً لأسس علمية، كما خدمتني اللغة لأخوض تجربة (تعلم ذاتي) أتقن من خلالها بعض الأمور المتعلقة بالبرمجة والتصميم عن طريق المواقع الأجنبية، وقد كان ذلك هو الخيار الوحيد للتعلم، نظراً لعدم توافر معاهد نسائية محلية متخصصة في تلك المجالات آنذاك».

وتضيف: «ومن تجربتي أستطيع أن أقول إن الإنترنت بوسعها أن تكون جامعة بحد ذاتها لمن هو جاد برغبته في التعلم بواسطة البحث والإطلاع والتجربة».

وعن المصاعب التي واجهتها في بداية مشروعها قالت سلامة: «أولى المصاعب التي واجهتني كانت مع نفسي، لأن المشروع وفقاً لجميع الأشخاص الذين استشرتهم آنذاك كان يعتبر مشروعاً فاشلاً تجارياً ومشكوكاً في أمر نجاحه جماهيرياً، فبدأت أعد نفسي لـ(سباق النفس الطويل) الذي يتطلب سنوات من الركض باتجاه الهدف من دون أن يسقط الطموح أمام الاحباطات».

وتضيف: «أما العقبة الثانية فكانت العثور على عدد كافٍ من كوادر متخصصة للعمل معي في هذا المجال، وأعتقد أن تجاوزها تم أولاً بتعاون القلة التي آمنت بهذا المشروع، وثانياً باستعدادي لسد الثغرات وإن تطلب الأمر العمل على مدار الساعة». مؤكدة أن أجمل ما يميز العمل في هذا مجال الصحافة الالكترونية هو التجدد وإثراء المعرفة، وقالت: «عندما أعد مادة أو أشرف عليها أكون قد استفدت منها أنا شخصياً قبل أن أقدمها للجمهور، إضافة إلى أن العمل في مجال الإعلام يتطلب تحديثاً يومياً لمعلومات من يعمل في هذا المجال، كما أن العمل في مجال تقنية المعلومات يتطلب المتابعة المستمرة لما يستجد في عالم التقنية والبرمجيات التي نعتمد عليها». مؤكدة أن الأثر الأكبر هو ما تركته الخصائص التفاعلية مع الجمهور على شخصيتها، وقالت: «أصبحت أكثر قدرة على استيعاب الخلاف وتفهم وجهات النظر المختلفة واحترامها».