حوار هاني الغفيلي – جريدة الاقتصادية – 5 يناير 2005م
يعتبر موقع “عربيات” من المواقع الإعلامية الشاملة، التي تهدف إلى إبراز الهوية العربية في مختلف المجالات، ليجمع بين التميز الصحافي والإبداع التقني في قالب إلكتروني متكامل.
تميز الموقع بأخبار حصرية وتقارير شاملة ولقاءات مع شخصيات متميزة مثل الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية، والأميرة عادلة بنت عبدالله، ومن المفكرين الدكتور غازي القصيبي والبروفيسور سميرة إسلام، وغيرهم من المبدعين.
كانت رانية سلامة، الفتاة السعودية، خلف هذه الإبداعات التي خولتها أخيراً للانضمام إلى موسوعة المبدعين WHO’S WHO، الاقتصادية التقت رانية وأجرت معها الحوار التالي:
كيف توصلت خريجة الأدب الإنجليزي إلى إدارة موقع إلكتروني عربي صنف ضمن أكبر المواقع العربية؟
في البداية، لابد وأن أشير أنني من خريجات القسم العلمي بمدارس دار الحنان، وقد اخترت قسم الحاسب الآلي اختياراً أول وقسم الأدب الإنجليزي كخياراً ثانياً، ولكن تمسكت باختيار قسم الأدب الإنجليزي الذي أعتقد أنه قد أسهم كثيراً وخدمني في المجال الذي اخترته فيما بعد، فمن جهة تخصص الأدب الإنجليزي صقل موهبتي في الكتابة والصياغة والقراءة النقدية، ومن جهة أخرى أتاحت لي إجادتي للغة الإنجليزية خوض مرحلة تعلم ذاتي على الكمبيوتر، وفيما بعد تعلم أبجديات النشر الإلكتروني من خلال المواقع الأجنبية المتخصصة في هذا المجال إلى جانب القدرة على التواصل مع الشركات المنتجة للبرامج التي نعتمد عليها والخوادم دون الحاجة إلى وسيط. فأرى أنه لايوجد أي تناقضاً بين تخصصي وعملي، بل على العكس ما اكتسبته من ذلك التخصص كان وراء استمرارية مسيرتي التعليمية وإتقان أمور فنية وبرمجية لاحقاً تمخض عنها تأسيس شبكة ومجلة عربيات.
كيف نشأت فكرة موقع عربيات؟ وما لهدف من إنشاء الموقع؟
ولدت فكرة إنشاء شبكة عربيات من رحم الفشل، فبعد أن تعرفت على الإنترنت في عام 1988م وإلى أن انطلقت رسمياً في المملكة عام 1999م، كنت أشعر بإحباط شديد لعدم وجود مواقع عربية إعلامية جادة تقدم محتوى قيماً وهادفاً للمتصفح. طرقت أبواب عديدة بخطط تطويرية وجهتها للشركات المحلية التي كانت تملك آنذاك مواقع شهيرة تكتفي فيها بنقل الأخبار من المطبوعات أو وكالات الأنباء أو تخصصها للترفيه والمحادثة، لكن كل تلك المحاولات بائت بالفشل ولم يكن لدي أي توجه شخصياً للمغامرة بخطوة كهذه إلا بعد أن ضاق ذرعاً بملاحظاتي ومطالبي مدير أحد مواقع مزودي الخدمة بالمملكة، ونصحني ربما من قبيل السخرية أن أنفذ بنفسي هذا المشروع المكلف والذي لم يكن يلوح له نجاح في الأفق تبعاً لتوجهات المستخدم آنذاك، فكان لنصيحته وقعها وبدأت بتنفيذ ماعجزت عن إقناع الآخرين بجدواه. أما الهدف فكان أول مجلة الكترونية نسائية واجتماعية باللغة العربية تقدم محتوى خاصاً لايعتمد على النقل والاقتباس وتحرص على تقديم مادة قيمة للمتصفح العربي مع استثمار وتوظيف التقنيات التفاعلية لربط الزائر بالمحتوى، وبعد نحو فترة طويلة من الإعداد والتجارب ولدت عربيات وخطت أولى خطواتها مطلع 2000م.
هل حقق الموقع أمانيك وأحلامك التي كنت تطمحين إليها؟
قد تكون عربيات حققت أكثر من آمالي وأحلامي، ولكن الأهم من ذلك هو أنها كسرت قاعدة التقاعس عن تقديم عمل ذي قيمة عالية للجمهور، بذريعة أنه لايبحث سوى عن الترفيه، وأثبتت التجربة أن القائمين على هذا المجال قد ظلموا المستخدم العربي بتكثيف التركيز على هذا الجانب الترفيهي من الإنترنت، بينما الجمهور متعطش للاستفادة والتفاعل مع قضايا ورموز مجتمعه، ويستحق أن نضع أمامه خيارات جادة تسهم بإخراجه من منطقة اللهو الإلكتروني التي نحاصره بها ليجد آفاق عربية أوسع على الإنترنت يحاكيها وتحاكيه بلغته.
ما هي أبرز العوائق التي واجهتكم في موقع عربيات، وكيف تم التغلب عليها؟
الخوف وضعف الثقة بالنفس كان العقبة الأولى التي تغلبت عليها بتمديد مرحلة الإعداد قدر المستطاع إلى أن أتقن أبجديات العمل في هذا المجال وأتعرف على كل متطلباته، كذلك واجهتنا في البداية مشاكل في تعريب أغلب البرامج التي اخترت الاعتماد عليها وتطويعها لتعمل باللغة العربية بنفس كفاءة عملها باللغة الإنجليزية، واصطدمت عندها بضعف شديد في هذا المجال من قبل الشركات التي لجأت إليها محلياً، فكانوا يؤكدون أن هذه البرامج لن تعمل باللغة العربية وأن علينا أن نبحث عن بدائل شائعة الاستخدام في المواقع العربية، ولم أكن أود بذلك لحرصي أن لايخرج الموقع شبيهاً بغيره شكلاً أو مضموناً فبحثت عن من يتسم بطول البال والخبرة في مجال البرمجة ووفقني الله بمساعدة أحد المبرمجين لإتمام العمل. جميع العقبات التي تلت ذلك لا تتجاوز مشاكل العمل اليومية التي قد تواجه الإنسان في أي مجال كهذا يعتمد على محاولة إرضاء عدد كبير من الجمهور بتوجهاته المختلفة. وكذلك العقبة والمشكلة التي تواجه جميع أصحاب المواقع الكبيرة والمكلفة بعدم وجود موارد دخل تغطي التكاليف وتساعد على الثبات والتطوير فدخلنا في الكثير من الأحيان في مراحل عد تنازلي شاء الله أن نتجاوزها بشكل أو بآخر.
للوهلة الأولى يعتقد المتصفح أن الموقع نسائي – كما يتضح من اسمه – ولكن يلاحظ عدم تركيزكم على اهتمامات المرأة بالقدر الذي تهتمون فيه بالجوانب الاقتصادية والأدبية والفنية؟
أولاً لابد من التوضيح أننا قمنا باختيار الاسم ليعكس معاني عديدة، فقد يشير إلى النساء العربيات أو إلى مقتطفات عربية. من جهة أخرى عربيات المجلة إدارتها نسائية، وكذلك هي نسائية وفق التصنيف المتعارف عليه كونها تضم أقسام التجميل والديكور والطهي وغيره مما يستهدف النساء فقط، ولكن من وجهة نظري هذه الاهتمامات ثانوية في حياة المرأة التي أراها جزء من المجتمع وشريكة للرجل في الأدب والاقتصاد والدين والسياسة لذلك في هذا المحتوى الرئيسي بالمجلة لا نتوجه أو نستهدف سوى الفكر لتصل الرسالة لعقل القارئ رجلاً كان أو امرأة، أما في الأقسام التفاعلية كالمنتديات فتجد أقسام أسسها ويديرها الرجل كالقسم الاقتصادي، وأخرى تديرها المرأة، و لا هذا ولا ذاك يتعامل مع الآخر من منطلق الأنوثة والذكورة فالأهداف والفكر والرؤى القويمة هي ماتحكم أي مهام أو تواصل أو طرح من هذا النوع.
انضمامك لموسوعة WHO’S WHO، ماذا أضاف لك؟
أضاف لي مساحة جديدة من التواصل مع المختصين بهذا المجال من مختلف دول العالم، فبالإضافة إلى إدراج الاسم في الموسوعة تمنح الجهة القائمة عليها الفرصة للمدرجين فيها لتبادل الخبرات والاستفادة من تجاربهم بوسائل عديدة أتوقع أن يكون لها أثر على المدى البعيد في تطوير عملي والأدوات التي أعتمد عليها.
ماذا كان يمثل لك إصدار العدد الأول لمجلة عربيات على شبكة الإنترنت؟
لو سألتني ماذا “كان” يمثل لي إصدار العدد الأول آنذاك فسأجيبك إجابة سريعة دون تفكير بأنه كان يمثل رؤية الخوف والقلق مجسداً أمامي، وقد طغى ذلك على أي مشاعر أخرى. أما لو سألتني ماذا يمثل بالنسبة لي اليوم فأعتقد أنني أراه بشكل مختلف، فقد كان خطوة أولى مهمة في طريق آلاف الأميال ومحاولة أعتز بها بسلبياتها وإيجابياتها، ونموذج تجريبي متكامل استنفذ كماً هائلاً من وقت ومجهود كل من عانى معي بإخراج أبوابه العشرون تقريباً. وبالرغم من أنني لم أتمكن خلال تلك الخطوة من أن أنظر بعين الرضا لأي من صفحات العدد الأول، إلا أنني اليوم سأنصفه وأقول لم يكن بالإمكان أفضل مما كان وفقاً للظروف التي صدر فيها .
على الرغم من عربيات موقع الكتروني إلا أنه تخطى العديد من القنوات الفضائية باستضافتكم شخصيات مرموقة لها ثقلها على الصعيد المحلي والخارجي، فكيف يتم اختيار ضيوفكم؟
كنا نحرص في البداية على استقطاب الأسماء المعروفة والبارزة التي لم يسبق لها الوجود على الإنترنت من الجنسين لنحصد قصب السبق باستضافتها. وقد كان ذلك بمثابة المفاجأة للمتصفح الذي لم يعتد على مشاهدة هذه الأسماء في طرح خاص بالإنترنت، فأضفت تلك الاستضافات على الموقع نوع من الخصوصية والمصداقية والتفرد، كذلك كنا نقوم بمراجعة كاملة للقاءات الضيف السابقة لنصل إلى مايمكن تقديمه من جديد عن حياته وإنجازاته وفكره حتى لايكون اللقاء مكرراً أو مملاً ومن هنا كنا نتمكن من إقناعه أو إقناعها بالإستضافة لإلقاء الضوء على جوانب جديدة بشكل مختلف ولتوثيق مسيرة رموزنا العربية وتوفيرها على الإنترنت للمتصفح والباحث، ولم تكن العملية سهلة على الإطلاق خاصة في البداية لأننا كنا نخاطب شخصيات لاتعرف عربيات وربما ليست مقتنعة بالإنترنت كمجال إعلامي جديد، وإن كنا رواد في تلك الخطوة فعلينا أن نرد الفضل لأصحابه حيث كانوا ضيوفنا أيضاً رواداً بدعمهم لنا في تلك الخطوة المبكرة ومبادرتهم بالوجود مع الجمهور الذي يهتم بالتواصل معهم عبر الإنترنت. أما اليوم فلم نعد نعاني من تلك العقبات وأصبحت فقط مسألة مهارة الصحافي أو المراسل وقدرته على محاورة الشخصية المناسبة في الموضوع المناسب.
بدأت تكتبين باسم مستعار في بداياتك في موقع عربيات، وبعد ذلك عدلت عن استخدامه، هل كان ذلك خوفا من الفشل؟
كان ذلك خوفاً من الفشل ومن النجاح كذلك، فقد أتاح لي التخفي نفسياً أن لا أتعامل مع النقد بشكل شخصي يؤثر على استمراريتي أو أختال بالنجاح فيصيبني بثقة مفرطة، وربما لم أكن لأتمكن من العمل أو الحكم بحيادية لو تعاملت بأي نوع من الحساسية الشخصية آنذاك مع ضعف خبرتي وحداثة تجربتي، من جهة أخرى كنت ولازلت أفضل أن أستمع لتقييم الآخرين لـ “عربيات” وليس لي، فأنا أكتفي بيني وبين نفسي أن أستمد منها الإحساس بالنجاح أو الفشل، ولو كان لي الخيار لاخترت بقناعة تامة أن أظل متخفية لأعمل بهدوء وعن بعد إلى اليوم، ولكن ضغوطات عديدة أجبرتني على تجاوز هذه القناعة والرضوخ للأمر الواقع خاصة مع تكرار نشر المطبوعات للقاءات مع بعض الزميلات والمتعاونات بوصفهم مؤسسات أو صاحبات للموقع، فوضعت حداً لما قد يكون من الأخطاء الصحافية أو الاجتهادات والتكهنات بالإعلان عن اسمي وتأكيد مباشر بأن بعض المعلومات التي سبق نشرها مغلوطة تتحمل الجهات التي أصدرتها مسؤولية تحري الدقة وتعديل ماورد فيها عن ملكية عربيات وتأسيسها للحفاظ على مصداقيتها أمام قراءها.
هل تشكل أعباء الموقع المادية هاجس يقلقل مضاجعكم؟ وكيف يتم التغلب عليها؟
تشكل بالتأكيد عبئاً كبيراً علينا، فنحن نعاني كما تعاني جميع المواقع العربية الكبيرة من خلل في معادلة ارتفاع الدخل تبعاً لزيادة معدلات الزيارة، وهذا الخلل يؤدي إلى أن يصبح نجاح الموقع واستقطابه للزوار مسألة مقلقة لصاحب الموقع لما يترتب على تلك الزيادة من تكاليف في ترقية الخوادم وغير ذلك دون وجود دخل ثابت يغطي تكاليف الموقع، ولم يكن أمامنا سوى محاولة التقليص من بعض المصروفات المتعلقة بالتحديث والمراسلين والتطوير لنتمكن من الاستمرارية وهذا انعكس بشكل سلبي على المجلة.
ما هي طموحاتكم المستقبلية؟ وما أبرز الخدمات الجديدة التي تعزمون تدشينها في عربيات؟
طموحاتي لو رتبتها بحسب الأوليات فسيكون على رأس القائمة الأمل بأن يولي العالم العربي اهتماماً أكبر بالإنترنت ويرتقي المجتمع بنظرته لهذه الأداة لنبدأ بجني فوائدها واستثمار ايجابياتها، فالطموحات والعمل والإجتهادات الفردية التي نسعى إليها في عربيات ويسعى إليها غيرنا في مواقع أخرى تبقى مرهونة بوعي المستخدم والمستثمر والجهات المعنية بهذا المجال. أما جديدنا فسيكون بإذن الله ملحق التكنولوجيا والإتصالات والذي نعمل منذ عامين تقريباً لإخراجه برمجياً بشكل مختلف يستفيد منه الزائر كمرجع لشراء الأجهزة والتعرف على مميزاتها .