ماجد الحميدان من جدة
اتفق مختصون على أن التنمية التشغيلية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لا تقل أهمية عن تقديم القروض التمويلية، مؤكدين ضرورة مساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بتنميتها وتشغيلها، وبينوا أن التمويل لا يفيد في حالة عدم وجود دراسة جدوى ودراسة مالية متقنة لهذه المنشآت.
وأشار المختصون إلى ضرورة أن يتم احتساب نسبة من المناقصات الحكومية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، لأجل أن تتمكن من اكتساب الخبرة.
وأوضح فضل البوعينين – محلل اقتصادي – أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة لا تنقصها البرامج التمويلية خاصة برامج الضمان التي تقدم من جهات حكومية أو شبه حكومية، وعلى سبيل المثال في الوقت الحالي يوجد في السوق ”برنامج كفالة” وهذا البرنامج يمكّن المنشآت الصغيرة والمتوسطة من الحصول على تمويل مباشر من المصارف السعودية. وبيّن أن هذا البرنامج قدم من قبل وزارة المالية، إضافة إلى مساهمة من قبل بعض المصارف السعودية في رأسمالها.
وأبدى البوعينين أسفه حول ”برنامج كفالة” لأن له أكثر من خمس سنوات ولم يفعّل التفعيل الأمثل من أجل توفير الائتمان الميسر للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، مبينا أن المصارف أصبحت تعقد عملية الاقتراض وفق ”برنامج كفالة”، مشيرا إلى المشكلة الحقيقية في ثقافة تقديم الائتمان إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث نحتاج إلى تغيير هذه الثقافة والضغط على جهات التمويل للتجاوب مع ما تطرحه الدول لدعم هذه المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وبين البوعينين، أن أي برنامج جديد إذا اعتمد على نصوصه القانونية والتوجيهات الموجودة فيه، فلن يضيف إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة شيئا، ولكن إذا لم يكن هناك تفعيل لمثل هذه القرارات، إضافة إلى إيجاد الحلول لأي معوقات تطرأ في التطبيق خاصة ما يتعلق منها بمطالبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بمطالبات تفوق طاقتهم أو قدرتهم، وعلى سبيل المثال دراسات الجدوى المتخصصة، فمثل هذه الدراسات تكلف أموالا باهظة لا يمكن للمنشآت الصغيرة أو المتوسطة الحصول عليها، وأيضا الحصول على ميزانيات مدققة لأن هذه المنشآت لا تستطيع توفير ميزانيات مدققة، فبالكاد تقوم بمسك الدفاتر المحاسبية داخليا، أي أن ما لديها لا يعدو أن يكون ميزانيات داخلية غير مدققة.
وحول المردود الاقتصادي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، أشار البوعينين إلى اليابان,،موضحا أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل في الوقت الحالي 95 في المائة من الاقتصاد الياباني إضافة إلى ذلك فهي الأكثر خلقا للوظائف، ومؤكد أن السوق السعودية في حاجة ماسة إلى هذه المنشآت لأن لها انعكاسات إيجابية، وأيضا تدعم الاقتصاد الوطني، وتوفر الكثير من الفرص الوظيفية، وتحقق هدف تنوع الإنتاج وزيادته محليا بما يحد من عملية الاستيراد مستقبلا. وبين أن دعم هذه المنشآت الصغيرة والمتوسطة يحقق لنا رفع دخل الفرد والمجتمع، ولكن لابد أن يكون هذا الدعم حقيقيا وليس إعلاميا.
وأشار البوعينين إلى وجود الكثير من صناديق التمويل في الوقت الحالي، وقال ”لا تعدو أن تكون بهرجة إعلامية، ولكن عندما تأتي المنشآت الصغيرة والمتوسطة للحصول على قرض أو تمويل لمساعدتها تجد معوقات كثيرة. إذا الانعكاسات إيجابية، وأعتقد أن الاقتصاد السعودي يجب أن يتوسع في القاعدة وليس في القمة، وأعني بالقاعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة،، وأن يكون هذا التوسع مبينا على دراسات إستراتيجية تساعد على تحقيق التنوع الإنتاجي والانتشار الإنتاجي في جميع مناطق المملكة. وهذا سيحل مشكلة البطالة، وسيزيد من دخل الفرد، وسيوفر منتجات محلية تغنينا عن الاستيراد، إضافة إلى الدعم المباشر للاقتصاد الوطني”.
وحول نسبة دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة للاقتصاد السعودي قال البوعينين ”الآن في الوقت الحالي مساهمتها في دعم الاقتصاد السعودي هي مساهمة بسيطة جدا، رغم أن معظم التصاريح للمنشآت في المملكة تتركز في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولو حسبناها نسبة وتناسبا نراها المسيطرة من ناحية العدد، ولكن من ناحية الفاعلية ودعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الإنتاجية وأهداف الاقتصاد نجد أن مساهمتها بسيطة حتى الآن. ويرجع السبب إلى أنها لم تبن على أسس ولم يساعدها السوق في بناء نفسها من الداخل واحتضانها والوصول بهذه المنشآت إلى مستويات كبرى. ونحن نتحدث عن منشآت صغيرة ومتوسطة مع مرور الوقت ستتحول إلى منشآت كبرى ثم تبدأ منشآت أخرى في النهوض من جديد”.
وحول قرار مجلس الشورى بيّن زياد البسام – عضو مجلس الإدارة والمشرف على قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة في غرفة جدة – أنه حسب الدراسات التي قامت بها غرفة جدة وجد أنه من أكبر المشكلات التي تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة الإجراءات الحكومية، وصعوبة الحصول على التمويل، حيث أن الحصول على التمويل مازال لا يكفي حجم طلبات المشاريع الصغيرة والمتوسطة. ويوجد هناك احتياج لكثير من الآليات والأساليب التي تسهل على أصحاب المشاريع الحصول على التمويل.
وتوقع البسام أن يكون الضامن بنك التسليف مكملا لبرنامج كفالة، مبينا أهمية تسهيل طريقة الحصول على التمويل بالنسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. واعتبر هذا القرار خطوة للأمام لتشجيع أصحاب هذه المنشآت.
وتمنى البسام أن تكون هناك خطوات أخرى تقوم بها مؤسسة النقد العربي السعودي بأن تلزم المصارف بأن تكون هناك نسبة مئوية من حجم إقراضها للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، على أن لا تقل عن 5 في المائة من حجم الإقراض ويكون موجها للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
واعتقد البسام أن إعطاء المنشآت الصغيرة والمتوسطة نسبة من المناقصات الحكومية سيزيد من نجاح هذه المنشآت لتمكينها من الحصول على الخبرة التي تمكنها من المنافسة في السوق السعودية.
وكشف البسام عن اتفاق مع بعض الوزارات على أن يتم تحديد المنشآت الصغيرة والمتوسطة بحسب أعمالها، مبينا أن هذا قد يساعد بشكل كبير في دعم هذه المنشآت ونموها.
من جهتها وصفت رانية سلامة – رئيسة لجنة شابات الأعمال في غرفة جدة – قرار مجلس الشورى لضمان قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالممتاز, لأن المنشآت الصغيرة تواجه عقبات كبيرة للحصول على التمويل بسبب الضمانات. وأضافت: إننا نجد أن المصارف تقوم بعملية التمويل لكن توجد بعض النصوص التي لا تسمح لهذه المنشآت بالوصول إلى هدفها بسبب عملية الضمانات، مؤكدة أن هذا القرار سيسهم بشكل كبير في تسهيل العملية وتسريعها لأن عملية التمويل تأخذ فترات طويلة والتي كانت في بعض الأوقات تنعكس على المقبل لمثل هذه المنشآت بشكل سلبي.
وأشارت سلامة إلى وجود الكم الكبير من الدعم الذي قدم ولكن لم يكن له أي عائد. وتمنت سلامة أن يتم تسهيل عملية الاشتراطات.
واتفقت سلامة مع ما سبق ذكره حول متابعة هذه القروض، وبأن تكون هناك دراسة جدوى وجهات استشارية، مبينة أنها تصرف الكثير في أشياء لا تفيد الجهة المقرضة أو المنشأة. وأكدت سلامة أن عملية المتابعة في أهمية إعطاء التمويل نفسها ولا بد أن يتم التأكد من وجود دراسة سليمة وتوزيع سليم للموارد, وأن هناك عوائد تدخل مقابل المبالغ التي يضخها، وأن يكون عند صاحب المنشأة رؤية تجعل المشروع يستمر لأجل ألا يموت هذا المشروع في سنوات قليلة. ونوهت إلى ضرورة أن تقوم الجهات بالتركيز على متابعة المشاريع حتى تخرج بدراسة عن سلبيات وإيجابيات التمويل كي لا يتم تكرار الخطأ فيما بعد.
وأشارت سلامة إلى أن الغرفة التجارية في جدة قامت بعمل نموذج مصغر من خلال لجنة شابات الأعمال هذا العام، وتقديم تمويل غير مسترد، وقدم لعدد من المشاريع التي تم اختيارها، وسيستمر لمدة سنة متابعة لهذه المشاريع بناء على دراسة الجدوى وبناء على مصاحبي ومرشدي قطاع الأعمال لأصحاب هذه المشاريع, لأجل أن يتم التأكد من أن المبالغ تصرف في العمل ولا تذهب لأي طريق آخر قد يؤثر في الجهة المقرضة أو صاحب المنشأة.
وحول قيمة دراسة الجدوى وهل تكون من ضمن القرض، بينت سلامة أن غرفة جدة يوجد فيها مركز تنمية الأعمال، دوره الأساسي والوحيد هو أن يقوم بدراسات الجدوى والدراسات المالية قبل بداية أي مشروع.
وحول تسهيل القروض وتسريعها، قالت سلامة ”نحن صحيح سنستفيد من القروض التمويلية، ولكن لو لم يستعد أصحاب العمل من أجل وضع المبالغ في المكان المناسب، فإنهم سيقومون بتدمير أنفسهم. ومن الضروري وبشكل كبير جدا أن يتم الاهتمام بدراسة جدوى هذه المشاريع ودراسة قوائمها المالية، وإيجاد ميزة تنافسية للمشروع من أجل أن يدخل إلى السوق وهو قادر على منافسة الموجود حاليا. وهناك أمر مهم جدا وهو مساعدة المنشآت الصغيرة على تنميتها تشغيليا ولا تقتصر على التمويل فقط”.