مجلة لها: ميس حماد
سبع سنوات أمضتها رانية سلامة بين العضوية والرئاسة لعدد من لجان غرفة جدة، بالإضافة إلى رئاسة لجنة شابات الأعمال منذ عام 2010. كانت بين ثماني سيدات أعمال مرشحات لخوض تجربة انتخابات الغرفة التجارية والصناعية في جدة في دورتها الـ21 الأخيرة التي انتهت في الثاني من كانون الثاني/يناير بعدم تمكن أي سيدة من نيل أصوات تؤهلها للوصول إلى مجلس الإدارة الجديد، علماً أن سلامة حصلت على أعلى عدد أصوات بين السيدات. «لها» التقت الإعلامية وسيدة الأعمال رانية سليمان سلامة فحدثتنا عن التجربة الانتخابية التي خاضتها والمصاعب التي واجهتها، ووعي المجتمع بأهمية وجود المرأة في مجالس إدارات الغرف.
– كيف استقبلتِ خبر عدم فوز أي مرشحة عن فئتي التجار والصناع؟
فاجأني أفراد فريق العمل باحتفال كانوا قد أعدوا له لأن التوقعات كانت تشير إلى الفوز قبل إعلان النتيجة، فأتممنا الاحتفال وهنّأنا الفائزين. وبالطبع لم أكن سعيدة بخسارة المقعد النسائي عبر الانتخاب، لكن الناخب قال كلمته.
– كيف تصفين خوضك لتجربة انتخابات غرفة جدة؟ وكيف كانت الأجواء في الأيام الأخيرة قبل إعلان النتيجة؟
التجربة رائعة جداً، والأجواء كانت جميلة، والجميع تنافسوا إلى حد كبير بشرف، وتعامل معنا أغلب المرشحين والناخبين باحترام وتشجيع. وكل ما حدث في الانتخابات من ممارسات إيجابية وسلبية أعتبره أمراً مقبولاً في هذه المرحلة. والمجتمع لا يزال بحاجة إلى مزيد من التجارب الانتخابية، حتى تنضج تجربته، وتغلب المصلحة العامة في الاختيار على غيرها من العوامل.
– كيف سيكون العمل في غرفة جدة بدون أصوات نسائية مُرشحة في الفترة المقبلة؟ وهل لنظام «الكوتـا» نصيب في اختيار الأجدر؟
لست من أنصار الكوتا وإن كانت الخيار الوحيد أمامنا اليوم، فما زلت أفضل أن نخوض التجربة الانتخابية مثل الرجل لنحصل على فرص متكافئة، لكني سعيدة بتعيين الدكتورة لمى السليمان والأستاذة سارة بغدادي، لأنه خيار يعبر عن دعم الوزارة وتفهمها لأهمية وجود المرأة في مجالس إدارات الغرف. وأتطلع إلى اليوم الذي يواكب فيه الوعي الاجتماعي هذا التوجه.
– مع وجود تسع مرشحات ضمن فئة التجار، كم كان احتمال الفوز لرانية سلامة؟
لا أحد بوسعه اليوم أن يجزم بفرص الفوز أو الخسارة، ومن وجهة نظري لا يوجد خاسر، فكل ما هنالك هو أن مجتمع الأعمال اختار من يرغب في أن يحمّله مسؤولية العمل في هذا الموقع، وهناك من أعفى المتبقين من هذه المسؤولية للتفرغ لعملهم الخاص. المهم اليوم أن نكون قد وصلنا من خلال الناخبين إلى الاختيار الصحيح، لمن يعمل فعلياً، وأن يكون التمثيل لكل الفئات في المجلس متوازناً، ليعبر عن غرفة جدة. وكنا نتمنى ألّا تفقد المرأة مقاعد بذلت الكثير من الجهد لتحجزها في الدورات الماضية باسم سيدات الأعمال، واستطاعت التفرد بذلك غرفة جدة، الأمر الذي كان يعبّر عن وعي قطاع أعمالها وإدراكه لأهمية وجودها فيه.
– ماذا يعني لك عدم الفوز؟ وهل يمكن أن تترشحي في الدورات المقبلة؟
جولة وخسرتها، وهناك مشوار متواصل بإذن الله، وأنا مقتنعة بأن النجاح يولد من رحم الفشل. والفرص لا تقتصر على غرفة جدة، فبالتأكيد سأحرص على المشاركة في أي موقع أجد فيه إمكان تقديم بصمة تخدم المجتمع. لكن الوقت مبكر للتفكير في المشاركة في انتخابات الدورة المقبلة، خاصة أنني أمضيت سبع سنوات من العمل في غرفة جدة، وأفضّل إتاحة الفرصة لغيري في الوقت الحالي.
– ما الأسباب التي أدت إلى خروج السيدات من هذه التجربة؟
المنافسة كانت حادة جداً في فئة التجار التي خاض انتخاباتها 38 مرشحاً ومرشحة للتنافس على ستة مقاعد، ولا أحد يستطيع أن يجزم بالسبب، فخلال أيام تصويت الرجال تحديداً حظيت بتصويت عدد كبير من كبار رجال الأعمال وبيوت التجارة في جدة، وكانت المؤشرات مبشرة بالخير. لكن قد تكون التكتلات التي واجهناها أقوى من المتوقع، وأعتقد أننا خسرنا بشرف، فقد حصلتُ على أعلى نسبة تصويت بين السيدات، وتفوقت ثلاث مرشحات على عدد كبير من المرشحين الرجال. وفي النهاية نتيجة الانتخابات هي مؤشر اجتماعي مهم لا بد أن نتقبله ونراقبه، ونواصل المحاولة في الدورات الآتية.
– عملت مع زميلتك الأستاذة سارة العايد وتحت إشراف الدكتورة لمى السليمان، على التعريف بأهمية الانتخابات للمرأة السعودية والمجتمع بشكل عام، وأقيمت في هذا الإطار لقاءات في عدد من الجامعات. كيف تصفين «ثقافة الانتخابات» بين هذه الفئات في المجتمع؟
في الجامعات والكليات الأهلية ثقافة الانتخابات بشكل عام ليست جديدة، خاصة أن الطالبات يمارسنها في الحرم الجامعي لانتخاب مجالس الطالبات. أما انتخابات الغرف التجارية تحديداً ودورها فمعرفتهن بها ضعيفة، لذلك ركزنا على هذه المسألة ليبدأ الوعي وينطلق من المؤسسات التعليمية، خصوصاً أن مهمة الغرفة هي خدمة الطلاب والطالبات، والبحث من خلالها عن وظائف لهم. حتى أن الغرفة تُمكنهم من الانخراط في أعمالِ تطوعية.
– ما الصعوبات التي واجهتك كمرشحة في الانتخابات؟
استعادة الثقة ونشر التوعية بفرصة الانتخابات التي ما زالت في متناول قطاع الأعمال. ثمة فئة عريضة لا تدرك أنها صاحبة القرار في اختيار من سيتخذ القرار غداً ويخطط لتنفيذه، ومع أن هذه الفئة قادرة على اختيار من يمثلها ليترشح، وبوسعها التكتل لدعم من يجسد برنامجه طموحاتها، نجد حوالي 75 في المئة من الأشخاص الذين يحق لهم التصويت – وهم غالباً من صغار التجار – لا يشاركون في التصويت، وهذا ما يجعل الأولوية اليوم أن تخرج هذه الفئة العريضة عن صمتها وتمارس دورها بإيجابية لتستفيد من الفرصة.
– ترأسين لجنة شابات الأعمال، كما أنك عضو في اللجنة التنفيذية لمركز المنشآت الصغيرة والناشئة، ما هي الآمال التي حملتِها معك لو وصلت إلى مجلس الغرف، خاصة في ما يتعلق بالمشاريع الصغيرة؟
هناك اليوم العديد من الجهود المتفرقة لدعم مشاريع شباب وشابات الأعمال، ولمست من خلال البرامج التي قدمناها خلال السنوات الماضية أننا في حاجة إلى توحيد جهود المراكز واللجان المعنية برواد الأعمال لمضاعفة مخرجاتها، وتقديمها للمجتمع متجسدة في عدد من المشاريع التي يتم تبنيها وإطلاقها، فيتمكن شاب أو شابة الأعمال من الوصول إلى التسهيلات والاستشارات والإرشاد والتأهيل من خلال مركز المنشآت الصغيرة والناشئة. ومع استقرار المشروع أو بنائه على أساس متين، يتمكن من اللجوء إلى مركز تنمية الأعمال للحصول على التمويل، وفرص التعاقد مع المنشآت الكبيرة، أو عقد شراكات تساعد على تنمية المشاريع الواعدة، لينتقل بعدها إلى مرحلة التوسع في التوظيف والتي يمكن لمركز تنمية الموارد البشرية أن يساهم في توفيرها. ومع أننا طبقنا نموذجاً مصغراً لهذه الفكرة في لجنة شابات الأعمال، فإن تمثيلها في الخطة الإستراتيجية لمجلس الإدارة يعد في غاية الأهمية لتحقيق فائدة فعلية للشباب والشابات على نطاق أوسع.
– هناك من اتهم مرشحات الغرفة التجارية «بحنث الوعد» بعد الفوز بالانتخابات، كيف تردين على هذه الأصوات؟
لو كان هذا صحيحاً، فالسؤال الذي يجب توجيهه إلى الناخبة «ماهي المعايير التي قمت بالتصويت بناءً عليها؟»، والإجابة ستساعد على معرفة موطن الخطأ حتى لا يتكرر، لأن أداء المرشح والمجلس كاملاً يصنعه وعي الناخب الذي يجب أن ينظر إلى أمور عديدة قبل أن يعطي صوته لمرشح، وليس من بين هذه الأمور قرابة ولا صداقة ولا معرفة ولا وعود، وهذا جزء من ثقافة الانتخابات التي حاولنا نشرها بين الناخبين.
وإذا تحدثنا بلغة المنطق، سنجد أن الرجل قبل المرأة قد منح صوته للمرشحات في الدورات السابقة، لأنها أثبتت أهليتها، وحققت منجزات على أرض الواقع للجنسين. قد لا تكون نجحت في إيجاد حلول لجميع التحديات، لكننا ومعها تجاوزنا العديد من العقبات، ليصل صوتنا ويتسع نطاق توظيف المرأة وعملها. وما لا يعلمه كثيرون هو أن عضوية مجالس إدارة الغرف هي عبارة عن عمل تطوعي لمدة أربع سنوات لا يحصل العضو خلالها على مقابل مالي، والأكيد أن المرأة لديها قدرة على التفاني في العطاء دون مقابل، ودون النظر إلى مصالحها الشخصية، أكثر من الرجل لأن العطاء جزء من تكوينها وطبيعتها.
– عمّ تحدثتِ في برنامجك الانتخابي؟
برنامجي كان يرتكز على السؤال الأكثر شيوعاً لدى المشاركين في الغرفة وهو «ما الذي يمكن أن تقدمه لنا غرفة جدة؟». وما لم يكن يعرفه الكثيرون، هو أنه مقابل الاشتراك السنوي، ورسوم التصديق، توجد أكثر من سبعة مراكز يفترض أن يطلبوا خدماتها ويساهموا في تطويرها، وفي تطوير قطاعات أعمالهم من خلال أكثر من 60 لجنة تمثل مصالح القطاع الخاص، وتعمل على معالجة التحديات التي تواجههم وعلى تفعيل الشراكة مع القطاع الحكومي، ضمن إطار يراعي مصالح القطاع الخاص، ويدعم خطط التنمية الوطنية. لذا ركزت في برنامجي على سبل ردم الفجوات بين أصحاب المنشآت الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، ومن كلا الجنسين، والارتقاء بالأداء لتوظيف الفرص، والموارد، وتوفيرها لكل فئة بما يواكب طموحاتها لتتحقق مخرجات ملموسة.
عن رانية سلامة…
دخلت عالم ريادة الأعمال منذ العام 1997، وهي خريجة الأدب الإنكليزي، لتبدأ بالتخطيط لعملها الخاص في مجال النشر الالكتروني، وذلك قبل دخول الانترنت إلى السعودية. أقامت مشروعها من خلال الشبكة العنكبوتية، مُلّمة بمبادئ التصميم والبرمجة، واختارت فريق عمل مكنها من التعرف على المعايير التي نجحت بواسطتها في إطلاق أول مجلة عربية الكترونية بمحتوى خاص وهي «عربيات» في عام 2000. حرصت على البدء بعملها بشكل مؤسسي، رغم عدم وجود تراخيص تتعلق بالنشر الإلكتروني آنذاك واستطاعت الحصول على ترخيص في مجال التجارة والتسويق، وأدارت العمل عن بُعد بفريق عمل إداري من الشابات السعوديات، ومراسلين في مختلف أنحاء العالم. وتم توثيق إنجاز الشابة السعودية رانية سلامة في موسوعة International who’s who كمؤسس لأول مجلة الكترونية باللغة العربية على شبكة الإنترنت.
أما مشوارها في العمل العام وخدمة المجتمع، فبدأته عام 2003 مع مجموعة من زميلات الدراسة، وذلك من خلال تأسيس مجموعة «سعوديات» الرامية إلى دعم المواهب الشابة في كل المجالات، وواصلته من خلال العضوية في الجمعيات الخيرية والمجالس الاستشارية، قبل أن تلتحق سيدات الأعمال بعضوية مجلس إدارة غرفة جدة عام 2005، وتتبعها خطوة التحاق السيدات باللجان القطاعية، لتحظى سلامة بالانتخاب كنائبة لرئيس لجنة الاتصالات، وتقنية المعلومات، على مدار دورتين، وعضوية عدد من اللجان، كان آخرها رئاسة لجنة شابات الأعمال في الغرفة التجارية والصناعية في جدة. كما شاركت في عدد من اللقاءات الوطنية للحوار الفكري عام 2008، واختيرت ضمن 120 رجلاً وامرأة للمشاركة في ورشة العمل التي أقامتها إمارة منطقة مكة المكرمة برعاية الأمير خالد الفيصل لوضع «إستراتيجية شاملة لتطوير منطقة مكة المكرمة» عام 2007.