أميرة العتيبي – مجلة رؤى – 21 يوليو 2009

حينما فكرت الكاتبة السعودية رانية سلامة، رئيسة مجلة عربيات الإلكترونية، الاتجاه إلى الفضاء الإلكتروني لإصدار مجلة تهتم بالشؤون السياسية والاجتماعية والثقافية في السعودية والوطن العربي، كانت تعرف تماماً حجم التحديات التي سوف تواجهها، لكنها استطاعت تجاوز العقبات كافة وسطعت المجلة في شبكة المعلومات العالمية الإنترنت.
“رؤى” التقت رانية سلامة لتحدثنا عن الصعوبات التي واجهتها وعن أهمية المجال الإلكتروني، مطالبة بوجود قانون لهذا المجال، وكيف تخدم المجلة الإلكترونية المرأة السعودية والعربية؟، وأفصحت عما دار بينها وبين وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، وحددت بعض الأسلحة التي يجب أن تتسلح بها الإعلامية، وأخيراً علقت على ما بات ظاهرة تسمى بـ”الإعلام الأسود”.

ما الهدف من إنشاء مجلة الإلكترونية؟
الفكرة بدأت في عام 1997م، قبل دخول الإنترنت للمملكة عندما كانت المواقع الإلكترونية العربية عبارة عن محادثة ومنتديات، فلمست الحاجة إلى وجود محتوى عربي ثري واستقطاب المسؤولين والأدباء والمثقفين لايجاد حلقة تواصل فيما بينهم وبين جمهور الشباب على الإنترنت، فعرضت الفكرة على عدد من شركات الإنترنت آنذاك لتنفيذها غير أن مؤشرات النجاح كانت ضعيفة والتمويل كان مرتفعاً لإيجاد فريق عمل من الصحفيين والمراسلين وتوفير المتطلبات التقنية للموقع، ولكن لأنني كنت مؤمنة بالفكرة تحولت الآلية من اقناع جهة ما بجدواها وتنفيذها إلى تبنيها، وصدر أول عدد من مجلة عربيات في شهر مارس 2000م.

ما العقبات التي واجهتك عند البدء في إنشاء مجلة الإلكترونية وكيف تغلبت عليها؟ وما الصعوبات التي تواجهينها الآن؟
أردت أن يبدأ المشروع بشكل رسمي وأن لايكون مجرد تجربة عشوائية، فبحثت عن ترخيصة، إلا أنه لم تكن هناك تراخيص لهذا النوع من المشاريع لدى وزارة التجارة ولا وزارة الإعلام، كما لم تكن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات قد تأسست بعد، فأكتفيت بتأسيس مؤسسة للخدمات التجارية والتسويقية لإدارة المشروع إلى أن تحولت إلى مؤسسة تقنية معلومات في عام 2006م، ولم أواجه صعوبات في تكوين فريق عمل أو ادارة المشروع لأن فترة الإعداد استغرقت حوالي عامين اعتبر أنني خلالها دخلت مرحلة تعليم ذاتي ليصبح لدي المام بالجوانب التقنية والفنية لإدارة المشروع، المثير أن نفس العقبة التي واجهتها قبل عشر سنوات تقريباً لترخيص المجلة لازالت قائمة فنحن اليوم مؤسسة تقنية معلومات مرخصة لتنفيذ المشاريع الإلكترونية غير أن جانب الإعلام الإلكتروني تحديداً لا يزال يقف في مفترق طرق بين وزارة الإعلام وهيئة الاتصالات، والترخيص هنا ليس مجرد أمر صوري أبحث عنه، بل ضرورة لحماية الملكية الفكرية لمحتوى يكلفنا إعداده الكثير، بالإضافة إلى أن عدم وجود قوانين تنظم العلاقة بين الإعلام الإلكتروني والجهات الرسمية، يجعل المخاطرة كبيرة بالنسبة لمن يفكر بالإستثمار في هذا المجال.

كيف تخدم المجلة المرأة، وخاصة السعودية؟
المرأة جزء من المجتمع ومن كل قضية تمس نسيجه، سواء أكانت اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو سياسية، ولأنها كذلك فهي حاضرة بانجازاتها في المجلة، كما أننا استحدثنا منذ عام 2002م مفهوم الرعاية الإلكترونية للفعاليات المحلية فكنا أول موقع إلكتروني يقدم الرعاية للفعاليات والمعارض النسائية التي تقام في مختلف أنحاء المملكة لابرازها على الإنترنت وكنا نجد أصداء جيدة من المتصفحين من خارج المملكة لهذه الفعاليات والأنشطة النسائية ورغبة بتوسيع نطاقها للمشاركة فيها.

شاركت في مؤتمرات عديدة كيف كانت نوعية المشاركة. وما ردات فعل المشاركين؟
أغلب مشاركاتي كانت تلقي الضوء على هذا المجال الجديد من الأعمال وعلى الإنترنت كبيئة عمل وفرصة لتوظيف قدرات المرأة والمهارات بشكل عام، وقدمت عدة أوراق عمل عن بداية مشروع جديد على الإنترنت بالنسبة للشباب وعن الإعلام الإلكتروني والتجارة الإلكترونية وغيرها، وأعتقد أن الحضور قد استقبلها بشكل ايجابي لمسته من الاستفسارات التي كنت اتلقاها والتي تعكس وجود توجه كبير نحو هذا المجال من قبل الشباب ومن قبل قطاع الأعمال.

هل تنجح المرأة في المناصب القيادية أم لابد لها من أن تدخل عدة تجارب حتى تصل إلى سن معينة لتتمكن من قيادة موظفيها في إدارتها؟
التجربة هي نقطة التحول الأهم في مشوار النجاح، واعتقد ان المرأة مثل الرجل لو أتيحت لها فرصة تحمل المسؤولية والاقتراب من مناطق صناعة القرار والتنفيذ، بوسعها أن تتولى المناصب القيادية ولدينا نماذج كثيرة على نجاح المرأة في المناصب القيادية، أما عن السن فأعتقد أننا بوسعنا أن نجد أشخاص وصلوا إلى مرحلة التقاعد دون أدنى قدرة على القيادة، وأشخاص في مقتبل العمر مؤهلين لقيادة مشاريع ضخمة وانجازات عظيمة، يكفي أن كافة المشاريع التي غيرت وجه العالم في العقد الأخير كانت مشاريع لشباب تحولوا إلى أنجح وأثرى أثرياء العالم وهو الأمر الذي أتمنى أن ينظر إليه العالم العربي بجدية ليصبح المقياس الكفاءة والهدف أن تكون الفرص متاحة أمام الجميع.

برأيك ما هو السلاح الذي تتسلح به الإعلامية؟
“مسدس” الموهبة، “رادارات” الحس الصحفي، “مشارط” للكتابة ومعالجة القضايا، “كمائن” علاقات العامة، والأهم من كل ذلك “كلاشينكوف” ثقافة عامة لتثري طرحها وتفرض حضورها على من يحاول أن يعرقل خطواتها.

من وجهة نظرك ما المشكلة الأساسية التي تواجه المرأة السعودية؟
بعض القوانين والأنظمة التي وضعت منذ عقود من الزمان، فكانت تناسب حقبات ماضية وأصبحت اليوم بحاجة إلى التحديث لتواكب حاضرنا ومستقبلنا.

هل تستطيع المجلة الإلكترونية أن تحل محل المجلة المطبوعة؟ وبماذا تمتاز عنها؟
ربما نعم وربما لا، هذا أمر سوف تحسمه توجهات الجمهور وقدرة المؤسسات الصحفية على مواكبته وتطوير أدواتها، أنا شخصياً أميل إلى القراءة الإلكترونية وهناك من يفضل المطبوعة فقد لا أشعر بما يعتبره الطرف الآخر مميزات في المطبوعة وقد لا يقتنع هو بما اعتبره مميزات في الإلكترونية، ومن حق كل منا أن يجد الوسيلة الإعلامية التي تناسبه.

مصطلح “الإعلام الأسود” هل بات يعكس ظاهرة موجودة في الإعلام العربي؟
من الصعب أن توجد وسيلة إعلام لاتتأثر بتوجهات من يمولها، فغالباً رأس المال بوسعه أن يصبغ الوسيلة الإعلامية بالحياد الأبيض أو التطرف والأحقاد السوداء أو الفضائح الصفراء، فإن كان بوسع الوسيلة الإعلامية أن تتلون، على الإعلامي أن يقف في منطقة الحياد ليعكس وجهات النظر المختلفة في طرحه بأمانة ومهنية، وهنا لابد من التفريق بين الصحفي الذي أعتقد أنه يجب أن يكون محايداً، وبين كاتب الرأي الذي بوسعه أن يعكس وجهة النظر التي يؤمن بها والتي تمثله هو شخصياً.

موقع الكاتب في الصحافة الالكترونية، هل شوهته سهولة الكتابة فيها، وهل تهدد تميزه عن كتاب المنتديات؟
بالنسبة لي الصحافة الإلكترونية هي مجلات وصحف يفترض أن تعمل على نفس الأسس والمهنية التي تعمل بها الصحافة المطبوعة والمرئية وبالتالي ليس من السهل أن يكتب أو يشارك فيها أشخاص غير مؤهلين لإيصال الرسالة، أما الإعلام التفاعلي من منتديات وغيرها فهو يعكس صورة لرأي الإنسان العادي وثقافته وتوجهاته ويفترض أن نفهمها ونتعامل معها بهذا الشكل دون خلط بينها وبين الكتابة الاحترافية، فإذا كانت صورتها مشوهة علينا أن نبحث عن خلل في المجتمع أنتج أفراد لهم آراء مشوهة أو أسلوب طرح غير سليم.

الصحافة الالكترونية المنتشرة والتي لا تخضع لرقابة وزارة الإعلام ومقص الرقيب، هل تعد ظاهرة صحية لحرية التعبير والكتابة؟
سواءًا أكان هذا الأمر صحياً أو مرضياً، أعتقد أن الإنترنت قصت مقص الرقيب بفضائها المفتوح، لكن مع الأسف حتى على الإنترنت في العالم العربي هناك فارق بين مواقع إلكترونية محلية ومهاجرة، فالمحلية لتستمر بعملها في النور عليها أن تضرب الرمل للتكهن بأنظمة غير موجودة أساساً لدى الجهات المعنية حتى تنظم العلاقة بين الطرفين، أما المواقع الإلكترونية الموجودة خارج العالم العربي لا يضيرها سواءًا كانت تتبع لفرد أو مؤسسة أو شبح أي ضبط لمخالفة أو معاقبة بحجب وهذا يعطيها مساحة أوسع من الحرية وفرص أكبر للاستمرار واستقطاب الجمهور.

إلى من تجير توالي الألقاب والجوائز التي حصلت عليها لرئيسة التحرير رانية سلامة أم لمجلة عربيات؟
لا أستطيع أن أنظر لنفسي إلا كجزء من مجلة ومؤسسة عربيات، فأنا أحب أن أرى المجلة وانجازات المؤسسة أكثر مما أرى نفسي، وأحب أن اسمع اسم عربيات يتردد أكثر من اسمي لذلك بالطبع أي تقدير يجير لها.

ماذا تستطيع أن تقدم مجلة عربيات الالكترونية مستقبلا للوطن العربي؟
نعمل في المرحلة القادمة على تحديث أدواتنا فحتى الصحافة الإلكترونية اليوم مع التطور الذي تشهده أدوات النشر قد أصبحت قديمة، لذلك لا مفر من العمل على إرضاء توجهات الجمهور البصرية والمرئية وتوسيع نطاق مشاركته في المحتوى.

ما حيز وجود الرجل بمقالاتك؟
لست ناشطة في مجال حقوق المرأة وخلال فترة كتابتي بعربيات أو في صحيفة عكاظ لم يكن همي أن أكتب عن المرأة تحديداً أو أن أجد للرجل حيزاً يخصه، فالمقالات بالنسبة لي وجهة نظر في قضايا معينة أو إعادة قراءة لحدث من زاوية مختلفة.

ماذا تقولين لوزير الإعلام، وماذا تنتظرين منه؟
أعتقد أن معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة قد بدأ بالعمل في الاتجاه الصحيح منذ توليه الوزارة عندما حرص على التواصل مع المؤسسات الإعلامية والعاملين في قطاع الإعلام لتلمس احتياجاتهم ومعرفة آرائهم، وقد تشرفت بلقاءه واستعراض المشاكل التي تواجه الإعلام الإلكتروني وخرجت من اللقاء بتفاؤل كبير لأنني وجدت أنني أمام مسؤول يؤمن بالإعلام الإلكتروني وحريص على تفهم طبيعتة والعوائق التي تواجه صناعة المحتوى الإلكتروني، وهذا الحرص يبشر بأنه سيتعامل معه بواقعية تساعده على النمو والاستمرار تحت مظلة ومرجعية تعطي الأمان للمستثمر فيه، وأمنيتي أن يصدر تنظيم وقانون خاص بالإعلام الإلكتروني يكون قابلاً للتطبيق ومحفزاً على الإلتزام لتصبح لدينا مؤسسات قوية تستثمر فيه دون أن يحد هذا القانون من مساحات الحرية المسؤولة، لأن أي ثغرة من هذا النوع ستجعل الاموال تهاجر للاستثمار في هذا المجال إلى الخارج كما حدث مع الفضائيات، أو أنها ستصب في صالح المواقع التي لاتتبع لأي جهات أو شخصيات اعتبارية بوسعها أن تتحمل مسؤولية طرحها. من جهة أخرى باعتقادي الإعلام الإلكتروني من صحف ومجلات لن يكون تنظيمه أمراً صعباً، أما الاعلام التفاعلي الملحق به فهو الأمر الذي يتطلب الكثير من الحكمة لتنظيمه لأن القاريء على الإنترنت يبحث عن الموقع الذي يمنحه حرية أكبر للتعبير، فإما أن تمنحها له أو تحفزه بمميزات أخرى كإمكانية تفاعل المسؤولين مع طرحه إذا كان جيداً أو ردهم على الاستفسارات وغيرها من المشاركات إذا تطلب الأمر.

لماذا نجد المعلن يهرب من الصحف و المجلات الالكترونية؟
مستحيل أن يهرب المعلن من أي مساحة تضم جمهوره المستهدف، في الماضي كانت المشكلة الأساسية أن أغلب الشركات لاتخصص جزءًا من ميزانيتها للإعلان على الإنترنت، أما في السنوات الخمس الأخيرة فالجمهور أجبرها على ذلك إلى أن حلت الأزمة الاقتصادية التي أثرت على سوق الإعلان بشكل عام.

أي القراء تستهدفينهم بالمجلة ؟
كل شخص بالغ، يملك جهاز كمبيوتر، واشتراك انترنت، ويتحدث اللغة العربية.

يقال ان الانترنت وسيلة الفاشلين إعلاميا للإعلان عن مواهبهم المدفونة ما رأيك في هذه المقولة؟
قد تكون كذلك، ولكن لا تنسي أن الإعلام المطبوع مع الأسف هو كذلك حلم كل من لايملك مؤهل أو يجد وظيفة، فلا هذا يقلل من قيمة الإنترنت ولا ذاك يلغي أهمية الرسالة الإعلامية، وبينهما لابد أن يتمايز الغث عن السمين.

ما توقعاتك لنجاح مجلتك الالكترونية؟
لكل نجاح مقومات ونحن لانخطو خطوة دون دراستها بتعمق، وأهم عنصر نبني عليه نجاحنا المستقبلي هو إيماننا بضرورة تحديث أدواتنا ومرونتنا في تغيير آلياتنا مع المحافظة على أن نقدم محتوى ثري يستحق أن نبذل المجهود في اعداده ليضيف شيئاً للقاريء.

المجلة الورقية بمثابة وثيقة يحتفظ بها القارئ هل تعتقدين ان المتصفحون سوف يحتفظون بالمجلة الالكترونية؟
أنا شخصياً لا أعرف قارئاً يحتفظ بجميع المجلات المطبوعة التي يقرأها كوثيقة، ولكن أعرف أن القاريء بعد دخول الإنترنت إلى حياته أصبح يعود إلى أرشيف المطبوعات في مواقعها الإلكترونية ويستخدم خصائص البحث في الإنترنت ليصل إلى مواد قديمة، فالتوثيق من خلال الورق قد انقرض تماماً، أما إذا كان المقصود التوثيق للتحقق من المصداقية فهذا الأمر لا علاقة له بمطبوع أو إلكتروني، لكن بالجهة التي تنشر وبمصادرها ومدى مصداقيتها، فبالطبع لايمكن توثيق معلومة من منتدى إلكتروني، لكن أية مجلة أو صحيفة إلكترونية يجب أن تملك مايوثق محتواها، كما أن القاريء مع الوقت يستطيع أن يعرف ماهي المصادر الموثوقة للمعلومات وأنا أثق كثيراً في حكم وذكاء القاريء.