عبدالله ضاوي – صحيفة الجزيرة – 17 مارس 2003

الإنترنت لغة تسير جنباً إلى جنب مع اللغات العالمية الحية، لايمكن المحاولة بإسقاطها أو التحايل على تجاهلها. في الشرق قبل الغرب أصبح الكل يبحث عن تعلمها ويتوقعون صعوبتها ولكنهم عندما يدخلون إلى نوافذها وأبوابها يجدون الحرية بين منتدياتها ومساحاتها الخصبة وهناك من يظل ينقش الحروف فيها أدبياً وثقافياً ويرسم انطباعاته الخاصة وآراءه الفكرية داخل أروقة السلة العنكبوتية ليقرأها الآلاف من الشرق إلى الغرب والسؤال الذي يطرح نفسه أمام الجميع ودون استئذان هو: هل استفاد العرب من هذه التقنية أم اقتصر المجال على التسلية والترفيه ولم يستفيدوا من الخدمات الأخرى مثل الأخبار والبحث عن المعلومات في شتى مناحي الحياة والتجارة والدراسة والسياحة التخيلية في مشاهدة المواقع السياحية على النت والبحث عن الدواء وما وصل إليه التقدم العلمي من تطور للإطلاع على البحوث العلمية المفيدة والكثيرة من الخدمات التي تقدمها الشبكة وتتنافس في تقديمها مئات الآلاف من المواقع.
الدكتور سعيد عبدالرحمن الحارثي، رئيس قسم الطفيليات الطبية بكلية الطب جامعة أم القرى قال: بأن الشبكة العنكبوتية لها الكثير من الخدمات والفوائد بغض النظر عن الجانب السلبي الذي يكاد ينعدم مع الوعي فمثلاً في المجال الطبي لها أساهم في تبادل الخبرات والبحوث والاطلاع على كل ما هو جديد في دقائق ومتابعة البحوث العلمية في أنحاء العالم بما يسهم بتقدم الطب والمهارات الفردية وزيادة المعرفة، فهناك الكثير من الدوريات والمجلات العلمية والمواقع الطبية التي يستفاد منها ما عليك سوى تحريك محرك البحث للفائدة والبحث عن المعلومة. صحيح بأن الاشتراك في هذه الدوريات والمجلات العلمية باهظ الثمن على المشترك الشخصي إلا أنني أتمنى أن تبادر الجامعات بالاشتراك في هذه المحركات لكي يتسنى للباحث الحصول على المادة بشكل أسهل.
من جهة أخرى هناك مردود علمي للطالب في المرحلة الجامعية في البحث بمواكبة التطور العلمي ومعرفة كل جديد حتى يخرج ببحث قيم ذي فائدة، هذا من ناحية علمية أما ما يثار من قول العامة بأن لا فائدة لها فهو بجانب الحقيقة فالإنترنت تقدم علمي فريد ولكن يحتاج إلى وعي وثقافة والتي يفقتدها من يبحث عن التسلية.
وتقول رانية سليمان سلامة مؤسسة شبكة عربيات ورئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية (www.arabiyat.com) بأن الإنترنت فتحت مجالات واسعة للعلم والعمل والتثقيف والترفيه.
وكوني فتاة سعودية أعمل في هذا المجال ألمس من خلال تجربتي الفرص اللا محدودة التي وفرتها الإنترنت من فتح نافذة جديدة لعمل المرأة، بما فيها ربة المنزل التي لا تجد وقتاً كافياً للخروج للعمل أو على الأقل تنمي ثقافتها وتستفيد من الشبكة، وحتى تتحقق الفوائد وتتقلص خطورة الجوانب السلبية لا بد من التوعية بتضافر الجهود بدعم كافة قطاعات المجتمع لابراز الوجه المشرق للإنترنت وكيفية الاستفادة منها.
ونلحظ تطوراً كبيراً ووعياً في تعاطي المستخدم العربي للإنترنت عما كانت عليه السنوات الأولى في استخدام الشبكة فعلى سبيل المثال تشير احصائياتنا في شبكة عربيات على أن الزوار في العام الأول كان إقبالهم أكبر على الأقسام الترفيهية بينما اليوم نجد تحولاً كبيراً إلى الأقسام الجادة وهذا توجه ايجابي يدل على بدء الوعي.
وتضيف منى الأحمد (مجلة عربيات) بأن الإنترنت وسيلة إعلامية كأي وسيلة أخرى لها ايجابيات وسلبيات فمثلاً نحن في عربيات نعمل كفريق عمل نسائي لإبراز الهوية العربية وما وصلت إليه المرأة العربية من تقدم معرفي وفكري على شبكة الإنترنت التي ستكون لها مستقبلا مشرقا بإذن الله يخدم المجتمع العربي، فقط نحتاج إلى التوجيه الذي يبدأ من صفوف الدراسة الأولى في التعامل مع التقنيات وتطور التكنولوجيا.
عبدالله الفواز وهو أحد العاملين بشبكة نسيج السعودية وباحث في مجال الشبكات والتقنيات يقول: من واقع خبرتي في البحث في مجال الشبكة وخصوصاً في السعودية أرى بأن الإنترنت لم تحقق أي هدف حقيقي للآن وذلك لأسباب عديدة أهمها عدم نشر الوعي بشكل صحيح وسليم فنجد الأغلبية تجهل كيفية الاستفادة من الكم الهائل المعلوماتي في هذه الشبكة فعندما تتكلم عن الإنترنت أما أنها تتكلم عن منتديات حوارية لا تغني ولا تسمن من جوع أو غرف للمحادثة مادتها أحاديث سمجة لا تعبر عن طموح حقيقي أو بُعد نظر.
وفي إشارة لتقرير لليونسكو أن 4% فقط من مستخدمي الإنترنت العرب قاموا بشكل من أشكال التجارة الإلكترونية. أما من الناحية الأمنية التي تعتمد عليها الشبكات العربية مثل جدران النار نجدها مصنعة خارجياً بعضها في إسرائيل ولا ننسى أن للبعض محاولات خلاقة في الدعم والبحث ولكن نحتاج أكثر لدعم المراكز البحثية والتثقيف للاستخدام والاستثمار الانترنتي بما يجلب الفائدة والمعرفة.
أما زيادة صالح السلوم وهو طالب سعودي يدرس بأمريكا في مجال الحاسب الآلي يرى بأن الانترنت لعبت دوراً كبيراً في الكثير من المجالات ومع أن هذا الدور كان له بعض الانعكاسات السلبية إلا أنه في مجمله كان ايجابياً فأصبح الكثير من أفراد المجتمع يتعامل مع الإنترنت وهذا التعامل وضع لمسات ثقافية ونفسية في شخصية الفرد انعكست تدريجياً على المجتمع نفسه أيضاً ساهمت الإنترنت في زيادة جرعات استخدام اللغة العربية الفصحى لتداولها أكثر أما السلبيات فعادة تنتج عن غموض أو جهل أو بعض الغايات اللا أخلاقية مثل التجسس على الخصوصيات من الهاكرز، أيضاً شجعت الإنترنت على العزلة وساهمت في تدني المستوى المعنوي للتواصل حيث أصبح البعض يكتفي ببطاقة أو رسالة إلكترونية للتهنئة مثلاً بالعيد. لكن تبقى لها إيجابيات كثيرة في التعلم والفائدة.
هاجد الذيابي أحد الرواد والباحثين في هذه الشبكة يقول: الإنترنت واحدة من أحدث الوسائل التكنولوجية التي اختصرت الزمن ونقلت البشرية إلى عالم جديد من المعرفة والسرعة في نقل المعلومة وبنظرة عامة إلى المادة التي تقدمها الإنترنت في بلد كالمملكة العربية السعودية نجد مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تمكنت من ضبط الإنترنت بدرجة معقولة استطاعت أن توازن بين الفوائد والأضرار من إغلاق بعض المواقع السيئة وحجب أخرى ومع ذلك فالشارع السعودي يأمل أن تجري المدينة استفتاء بين طبقات المجتمع قبل الإقدام على إغلاق موقع أو حجبه، أما تجربتي الشخصية فأنا قد استفدت علمياً وثقافياً واكتسبت معرفة وأتمنى من القطاعين الحكومي والخاص أن يقدما الكثير من خدماتهما عن طريق الإنترنت وأن يواكبا النقلة النوعية التي قدمتها الإنترنت في دول العالم المتقدم.
الشاعرة عشق الليل (شاعرة ومعلمة) تحدثت عن تجربتها بقولها الإنترنت لها فوائد عديدة استفدت منها كمعلمة في البحث عن المراجع وما هو جديد في التقدم المعرفي كذلك هناك العديد من المواقع العربية التي تعتني بالشعر والأدب فبتصفحها والاشتراك فيها كان لها فائدة في زيادة التحصيل المعرفي والثقافي لديّ بما زاد ونمى موهبتي الشعرية.
من جهة أخرى تقول نسايم النفيعي طالبة جامعية: لا يخفى على أحد ما للتقنية والتطور التكنولوجي من أثر سلبي على بناء مجتمع محافظ رغم ما يمكن أن تحمله من إيجابيات ونفع فالكل يعلم كيف استطاعت القنوات الفضائية والهاتف أن تحدث خللاً في بناء المجتمع العربي المحافظ. والإنترنت من أهم الاكتشافات الإنسانية في العصر الحديث رغم فائدتها ورغم ما تحققها للبشرية من نفع إلا أنها كما نلاحظ لها أثراً سلبياً على المجتمعات في إساءة استخدامها والتعامل معها بفائدة، إلا أنها مطلب ضروري فهناك فئات عظيمة استغلت الإنترنت في زيادة مداركها ومفاهيمها والاستفادة من هذه التقنية التي هي عالم بحد ذاتها نجد البحوث العالمية والتحاليل الإخبارية والنقاشات الجادة والمفيدة في بعض المنتديات وتبادل الخبرات المعلوماتية بعكس من استغل هذه التقنية استغلالا سيئاً فالعيب ليس في التقنية بحد ذاتها إنما العيب فينا نحن، نحن من نحول هذه النعم إلى نقم. فلا بد من التعامل بفائدة تخدم بها نفسك أولاً ومجتمعك ثانياً.
أخيراً.. يتضح من خلال القراءة لأفكار من تحدثوا ل«الجزيرة» من وجود تكامل وتوافق حول الفائدة مع الحاجة للوعي وزيادة التثقيف في كيفية استخدام الإنترنت للاستفادة منها في أغلب المجالات الحياتية بما يجلب الفائدة على الفرد والمجتمع.
ولكن يظهر الاختلاف غير المرئي من خلال الشرنقة التقليدية والهوة في الفكر الأكاديمي والشعبي.. لكن الجميع يصر على أن النت لغة العصر ومفهوم العولمة التي تذيب الجنسيات والفوارق الاجتماعية بمجرد استخدام الماوس والبحث بين الكم الهائل من المعلومات أن أحسن الاستفادة منها.
ولذلك تبقى الإنترنت ذات قيمة وفائدة فكل ينظر إليها بمنظار يحدده حسب رؤيته وفكره فمن يراها حسنة يمتدحها ومن يراها سيئة يكيل لها الذم لهذا كان الاختلاف في تقييم ونظرة المثقف عن العامي لهذه الشبكة.